أحدث الاخبار

الجمعة، 7 سبتمبر 2012

خالد السرنجاني: لماذا يبدأ الإخوان من حيث انتهت أمانة السياسات؟




جاءت تعيينات أعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان، ومعها أعضاء المجلس الأعلى للصحافة، لتؤكد رغبة الإخوان المسلمين فى السيطرة على المؤسسات المزيفة، التى أسسها النظام الساقط، بنفس أسلوب أمانة سياسات الحزب الوطنى المنحل. أى عبر زرع أعضائهما فى هذه المؤسسات واختيار شخصيات طيعة منتمية إلى تيارات سياسية أخرى لذر الرماد فى الأعين، ومن أجل إعطاء شرعية لهذه المؤسسات، بما يعنى أن الإخوان ليسوا راغبين فى إصلاح النظام الذى سقط، ولا فى دفع مسيرة مصر تجاه الديمقراطية ووجود مؤسسات قوية ومستقلة تعمل بكفاءة، ولصالح المصريين بجميع فئاتهم وانتماءاتهم.

ولم يضع الإخوان أى اعتبار للانتقادات التى وجهت إلى المجلسين، فالأول تأسس من أجل التحايل على انتهاكات النظام السابق لحقوق الإنسان، والثانى ظل عقبة فى طريق حرية واستقلال الصحافة، ولم يلتفتوا إلى النداءات المتعددة التى وجهت إلى المجلسين والمطالبة بحلهما، وتأسيس مجالس أخرى أكثر فاعلية تؤسس لعملية التسيير الذاتى لملفات ومهن من المفترض أن تكون لصالح الجميع ولا توظف لصالح فئة ضئيلة، سواء أكانت منتمية إلى أمانة سياسات الحزب الوطنى أو إلى الإخوان المسلمين ذاتهم.

وهذا السلوك من الإخوان الذين ظلوا محرومين من المناصب العامة مثلهم مثل غيرهم من غير المنتمين إلى الحزب الوطنى، يشبه شخصاً ظل عدة أيام دون تناول أى طعام، ثم فجأة وجد أمامه ما لذ وطاب، فأكل أكثر من حقه وحدث له عسر هضم واضطر إلى استرجاع كل ما تناوله. فما يفعله الإخوان هو نوع من الفجع أكثر من كونه تأسيساً لنظام جديد سواء أكان ديمقراطياً أم غير ديمقراطى، والخوف هو أن يؤثر هذا الفجع على المجتمع بكامله فيصاب بالأنيميا الحادة.

الذى يحار فيه المرء هو أن الإخوان الذين رأوا بأم أعينهم كيف سقط النظام السابق، ويعرفون جيداً أن سياسة الهيمنة والاستئثار، خاصة تلك التى زادت فى فترة سيطرة أمانة السياسات على الحزب، كانت هى السبب الأساسى فى هذا السقوط المروع، يعيدون إنتاج السياسة نفسها بصورة أكثر بشاعة وتطرفاً، هل يعنى ذلك أنهم يستبعدون أن يثور الشعب مرة أخرى على السياسات نفسها؟! أم أنهم لا توجد لديهم أى نية أو رغبة فى أن يشاركهم آخرون فى العملية السياسية، مع أنهم يدركون أن مشكلات مصر يعجز تيار سياسى واحد عن حلها. أم أنها غطرسة القوة، التى أدت مراراً إلى سقوط أنظمة ودول أعمتها القوة عن رؤية الآخرين، أم أنه لا توجد لديهم أى بدائل لتحسين الوضع الذى ورثته مصر عن حكم استبدادى استمر 30 عاماً؟

إن ما نراه الآن فى مصر ليس عملية أخونة للدولة، وليس عملية تمكين للإخوان، بقدر ما هو عملية لإعادة إحياء نظام أسقطه المصريون أو خرج معظمهم من أجل إسقاطه مع فارق بسيط وهو أنهم بدلاً من أن يعيدوا الإنتاج بنفس الشخصيات، وضعوا آخرين من أصحاب اللحى مكانهم، وإذا كان أصحاب اللحى من حقهم تولى أى مناصب، وأن يكونوا أعضاء فى أى مجلس من المجالس، فإن ذلك يجب أن يتم وفقاً لمعايير الكفاءة والتخصص، وبشرط ألا يكونوا بتعيينهم قد منعوا آخرين أكثر كفاءة وتخصصاً من تولى المنصب.

إن عملية إعادة إنتاج النظام الساقط بمؤسساته وبنيته، تعنى أن المصريين سوف يعيدون إنتاج ثورتهم، واستئثار الإخوان بكل المناصب، وحجبها عن آخرين أكثر كفاءة وتخصصاً، بل تحالفهم مع فلول النظام الساقط «أحد المعينين فى المجلس الأعلى للصحافة كان يذهب بانتظام لممارسة رياضة الجرى مع الرئيس المخلوع» يؤكد أنهم سوف يعانون قريباً من عسر الهضم، وأنهم إما سيرجعون المناصب من بطونهم أو أنهم سيجبرون على فعل ذلك رغما عنهم، من أجل المحافظة على صحتهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق