أحدث الاخبار

الأحد، 16 سبتمبر 2012

إبراهيم عيسى يكتب: مشهد رومانسي للإخوان والأمريكان


إبراهيم عيسى يكتب: مشهد رومانسي للإخوان والأمريكان

 Sun, 09/16/2012 - 10:27
إبراهيم عيسى يكتب: مشهد رومانسي للإخوان والأمريكان
   إبراهيم عيسى
ساعات من العتاب ورجع الإخوان والأمريكان لبعض فى مشهد عاطفى مؤثر يؤكد مدى رومانسية الرئيسين مرسى وأوباما.
لا يمكن أن تغضب الإدارة الأمريكية من الإخوان فتخسر كل شىء.
لقد راهن أوباما منذ اليوم الأول لتخلى مبارك عن الحكم على الإخوان، كانت معلوماته الدقيقة قطعا أن ضباط المجلس العسكرى على درجة من الضعف والهوان السياسى وإمكانيات طنطاوى ضحلة، وقد عمل البنتاجون على إقناع سهل وسريع للفريق سامى عنان على التعاون المثمر مع الإخوان، وكانت المباحثات السرية بين الإدارة الأمريكية والإخوان قد بدأت منذ عصر مبارك، لكن بعد الثورة زاد الإيقاع تلهفا وتمت مشاورات ولقاءات وضعت التعاون محل اتفاق رسمى، خصوصا مع وجود وسيط قطرى نقل حسن النوايا وأكدها، ومع توسطات تركية أظهرت ميل الإخوان النفعى وأنها جماعة ليس أهم شىء عندها هو المبادئ.
أستطيع أن أؤكد من خلال مصادر قريبة من الطرفين بعضها شارك فى مرحلة متقدمة من الوساطة وبعضها على علم بمسودات تم تداولها حول الاجتماعات أن الاتفاق كان واضحا على أن لا يعرقل الأمريكان صعود الإخوان، حيث سيثير ذلك قلقا من الجماعة قد يزعج واشنطن حين يبث الفرقة والفتنة فى مصر، وشمل الاتفاق كذلك أن يلجم الأمريكان أى محاولات للخروج عن النص يقوم بها طنطاوى فى أى لحظة، وكان سامى عنان هو صاحب هذه المهمة التى اعتقد أنه سيحصل على مكافأة حين يؤديها بكفاءة، وانحدر طموحه حتى أصبح الآن هو إبقاءه بعيدا عن أى محاكمة، رغم أن الضمانة الإخوانية الأمريكية له قد يتم رفعها عنه فى أى لحظة لو احتاج الإخوان إلى مسرحية جديدة لإلهاء الجمهور.
ما نصيب أمريكا فى الاتفاق؟
أولا: التزام إخوانى صارم بصيانة أمن إسرائيل والحفاظ على العلاقات معها على نفس درجة حرارة مبارك دون مظاهر علنية (نتنياهو لم يعد يتحمل مؤخرا الحب الإخوانى المخفى ويريد الغزل عفيفا وعلنيا).
ثانيا: لجْم حماس وضبط خطواتها فى غزة وانضوائها تحت الإبط المصرى.
ثالثا: احتواء السلفيين فى مصر فهم أكثر إزعاجا لأمريكا من أى فصيل آخر، حيث لا تواصل بين الأمريكان والسلفيين فضلا عن تحذيرات مخابراتية بأنهم وعاء ساخن لطهى أفكار بن لادن.
رابعا: ضمان لعدم المساس بالأقباط بما يثيرهم أو يفزعهم ويجعل قضيتهم ضاغطة على أعصاب الإدارة الأمريكية.
خامسا: الشراكة فى حلف يرتدى ثياب السُّنة مع السعودية فى مواجهة إيران، وإجماع على التخلص من نظام بشار فى سوريا وحزب الله فى لبنان كخطوة لضرب طهران وحصارها.
الاتفاق تم احترامه من الطرفين ربما بحذافيره تماما، لكن عندما تحمس الإخوان وسرقتهم سطوة السلطة وطالب بعضهم باعتذار أمريكا عن الفيلم المسىء وسكت مرسى طويلا عن إدانة الهجوم على سفارتَى أمريكا فى مصر وليبيا، استاء أوباما وانفعل لكن سرعان ما تراجعت إدارته وخففت من تصريحه أن مصر لا عدو ولا حليف، وسارعت الخارجية بالنفى وتأكيد تقديرها لمرسى، حيث لا يمكن أن يفقد الأمريكان استثمارهم فى الإخوان، فليس لهم فى مصر غيرهم، والجماعة ملتزمة بالاتفاق وهى أيضا تحت ضغط اقتصادى رهيب يجعلها تذعن للأمريكان، فلا يمكن أن يسمحوا لانفعالات يعلم الأمريكان أنها فارغة يلعب بها الإخوان على مشاعر وغرائز جمهورهم ويواجهون بها مُزايدة السلفيين أن تفسد خطة الإخوان الأمريكية المشتركة (وبالمناسبة هناك مناورات عسكرية مشتركة قريبة).
أما الجماعة حين أدركت أن فرقعات الهواء التى أطلقتها عقب حصار السفارة قد أغضبت الأمريكان وأن الأمر وصل درجة من انفعال واشنطن سرعان ما سحبت دعوتها للمظاهرات التى كان مقررا إطلاقها يوم الجمعة، وجرت اتصالات مع كثير من دعاة الوعظ السلفى والحركات السلفية للتهدئة فى الوقت الذى جاءت فيه أوامر مرسى حاسمة للأمن ووزير داخليته بمنع المظاهرات من الوصول لمبنى السفارة والرد بالعنف الواضح ضد المتظاهرين لردع هؤلاء عن العودة للسفارة، والثابت أن الإخوة الملتحين كلهم أخذوا أوامرهم بالرحيل وتركوا شبابا من المتحمسين والغوغاء لنَيْل الغاز والرصاص المعتاد.
لن يخسر الأمريكان والإخوان صفقتهم الحالية أبدا.
أما النبى فإن له ربًّا يحميه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق