أحدث الاخبار

الخميس، 6 سبتمبر 2012

إبراهيم عيسى يكتب: انتخابات رئاسية كي تحترموا الدستور… وأنفسكم


إبراهيم عيسى يكتب: انتخابات رئاسية كي تحترموا الدستور… وأنفسكم

 Thu, 09/06/2012 - 10:35
طبعًا لو كان غير مرسى هو الجالس على مقعد الرئيس كان الإخوان ومؤيدوهم ومنافقوهم وموافقوهم سوف يطالبون بانتخابات رئاسية جديدة بعد إقرار الدستور.
من الطبيعى إذن أن الجماعة وأصحابها الذين يتم توزيعهم فى مناصب مكافآت الخدمات الانتخابية سوف يدافعون عن بقاء مرسى لمدته الرئاسية عقب إقرار الدستور الجديد، ويسعى الإخوان إلى تحصين بقاء الرئيس فى قصره عبر مادة فى الدستور يرضى بها ويوافق الجماعةَ عليها بعضُ المشاركين فى اللجنة التأسيسية من المحسوبين على التيار المدنى لأسباب أظن أنها شخصية تمامًا.
لكن السؤال: ألم نكن نعرف جميعا أننا ننتخب رئيسا مؤقتا؟
لا يمكن انتخاب رئيس وفقا لإعلان دستورى مشوَّه وشائه وتم تأليفه من لواءات المجلس العسكرى الفاشل ثم يستمر الرئيس نفسه حين يضع الشعب دستورا كاملا دائما.
الشجاع الوحيد الذى يعلن أنه لا بد من إجراء انتخابات رئاسية بعد إقرار الدستور هو حمدين صباحى، وبالقطع سيقول البعض إنه يستهدف من ذلك أن يرشح نفسه فى الانتخابات الرئاسية سعيا لأن يخلف مرسى، ولا شك أن لحمدين طموحا وهو يعلن ذلك، لكنه طموح مشروع وطبيعى من منافس ثقيل الوزن الجماهيرى فى الشارع، لكن المهم أنه يبنى هذا المطلب على منطق لا لبس فيه ويملك الحجة الحقيقية الأكيدة فى هذا المطلب، ثم عند إجراء الانتخابات الرئاسية لن يكون التقدم لها حكرًا على حمدين ولا ضمانًا لنجاحه أو نجاح أحد بعينه، فهى انتخابات بكل ما تحمل من عواصف وعواطف.
لكن لماذا حمدين وحده الذى يعلن هذا بوضوح وبشجاعة فى غيبة أو غفوة من التيارات والقوى السياسية الأخرى؟ إنها نظرية «أعطوا الرئيس فرصة»، وهى نظرية حسنة النية ساذجة الرؤية، وليس حقيقيا أن المطالبة بإجراء انتخابات رئاسية طبقا للدستور الجديد ستمنع عن الرئيس فرصته! بل لعل هذا يمنحه اهتماما أكبر بالإنجاز سعيا لارتفاع مقياس شعبيته، ثم المدهش هنا أن الشخصيات والقوى السياسية التى تزعم أنها تريد منح الرئيس فرصة لا تنتبه إلى أن الرئيس لا يعطى المختلفين معه ولا المعارضين لجماعته أى فرصة، ولم يقدم أى أمارة من أى نوع تشير إلى أنه رئيس مستقل عن جماعته، بل يبدو مهتما جدا بأن يكون رئيسا لجماعته، حيث توزيع المناصب والمسؤوليات حسب الولاء للجماعة، وفتات يمنحه لبعض المتحالفين معه خلال الانتخابات، فهل هذه هى السياسة التى يريد البعض تمريرها لسنوات أربع كى تتحول مفاصل الدولة المصرية إلى بيوت آمنة تضم العميل النائم أو الصاحى للإخوان؟
إن النظرة الضيقة التى تحكم أصدقاءنا الذين طمحوا يومًا إلى الرئاسة فلم ينالوها لأسباب متعددة فقرروا أن يتحالفوا مع الإخوان فى تحصين الرئيس ليمنعوها عن منافسين لهم من نفس التيار، ستدفعنا إلى هلاك سياسى. لسنا أول دولة بعد ثورة تنتخب رئيسًا مؤقتا ثم تفتح باب الانتخابات الرئاسية مرة أخرى، ولا يمكن أن يكون التمرير المتواطئ المتآمر لمادة تحصِّن بقاء مرسى بيدِ وبمشاركةِ شخصياتٍ تطلب منا أن نصدق سعيها الوطنى.
ليس معنى انتخابات جديدة أن مرسى لن يرشح نفسه أو أنه لن ينجح، وربما يحظى بثقة الناس وأصواتهم مرة أخرى، لكن يتم هذا بالأصول لا بالكَرْوَتة والاستغفال واستهبال شعب بأكمله على طريقة «شايف العصفورة؟».
أما لماذا لا يحظى هذا المطلب بشعبية حتى الآن فقد يكون السبب الغفلة، أو ضبابية الصورة، أو تشوُّش الرؤية، أو تشابك الأولويات، أو العمى الحيثى عند السياسيين، أو السكّينة سارقة الناس، لكنه أمر يثير طبعا التساؤل حول هذه الأحزاب والتحالفات التى تخوِت دماغنا بالظهور الإعلامى بينما تغلق فمها عن أهم مطلب لبناء دولة دستورية، وهو رئيس يتم انتخابه بناء على معايير وصلاحيات وضعها له الدستور، لا مجرد إعلان دستورى مؤقت مشكوك فى شرعيته.
كل يوم يمر يؤكد فى الحقيقة أن عددا من القوى والأحزاب المدنية لا تزال تحبو فى السياسة وأنها، حتى، لا تدرك حقوقها ولا تتمسك بالمبادئ البديهية للديمقراطية ويستسلم البعض لليأس، والبعض الآخر للبحث عن كرسى وهبة مرسى فى أى مجلس، ولعلك لو تأملت تكتشف أن معظم من قَبِل بهذه المنح لم يكن يومًا من الأيام معارضا حقيقيا لمبارك ولا تَلقّى أحكامه بالسجن ولا حتى تم التحقيق معه فى قضية حقوقية أو سياسية أو صحفية، بل الذى يمنح فرصة لمرسى هذه الأيام هو من كان قد منح بالصمت أو المعارضة المستأنسة والناعمة ألف فرصة لمبارك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق