أحدث الاخبار

الأحد، 30 سبتمبر 2012

عمار على حسن يكتب .. «لجنة المائة».. الطريق إلى خيانة الثورة يبدأ بـ«غياب إنكار الذات» (1-2) - قصة فشل المشروع الرئاسى «أبوالفتوح - صباحى».. حتى لا نفقد ما تبقى من الثورة

\
- الفكرة اتسعت من محاولة إيجاد ظهير يسارى وليبرالى يسند أبوالفتوح فى الانتخابات إلى حوار وطنى جاد وعميق
- كان الهدف أن يقف «نسر» صباحى على «شجرة» خالد على وعنقه محاط بــ«ساعة» البسطاويسى ثم يرمى بصره بـ«نظارة» الحريرى نحو «حصان» أبوالفتوح
- خروج الشاطر وأبو إسماعيل زاد من ثقة أبو الفتوح ولم يلتفت لتحذيري من استطلاع ماجد عثمان الزائف
- خسر أبو الفتوح المناظرة لأن حملته اكتفت بما لديها بعكس حملة موسى التي سألت في أدق التفاصيل
- كمال الهلباوي سألني عما يتردد عن تمويل الشاطر لحملة حمدين
- صباحي أخبرني أنه سيكون نائبا لأي شخص إلا أبوالفتوح فقط سيمنحه صوته
 
وحاولت أن أصور الموقف برمته للرأى العام فى عبارة تقول: (حين يقف «نسر» حمدين صباحى على «شجرة» خالد على وعنقه محاط بــ«ساعة» البسطاويسى ثم يرمى بصره بـ«نظارة» الحريرى نحو «حصان» أبوالفتوح الذى يلتقط أنفاسه تحت الظلال الوارقة، فإن القافلة يمكن أن تكمل الرحلة، وتصل إلى المحطة التى نتمناها جميعاً).
كنا نعمل بإخلاص وتفانٍ شديدين، وندرك أنها اللحظة التاريخية التى يمكن فيها أن ننقذ ما تبقى من الثورة، عبر الإتيان بمرشح ثورى ليجلس فى كرسى الرئيس ويغير كل شىء وفق شعارات الثورة ومبادئها، وعلى أشواق الناس إلى العدل والكفاية واستقلال القرار الوطنى والحرية والكرامة والعيش المشترك، لكننا كلما جلسنا نتحدث أو تحركنا لنؤثر اصطدمنا بالعقبة الرئيسية، وهى ضرورة أن يتوافق من قصدناهم بما بدأنا وما نفعله.
وكنا نعرف، كأعضاء للجنة، صعوبة ما نحن مقدمون عليه، ليس لشىء سوى لأن فضيلة «إنكار الذات» باتت شيئاً عزيز المنال فى حياتنا السياسية، وهى آفة عانينا منها كثيراً قبل الثورة، واستمرت أعراضها المؤذية بعد أن نزلت الملايين إلى الشوارع، وكأن الشعب لم يعلم هؤلاء شيئاً من تجرده وتضحيته ورغبته العارمة والجارفة فى التغيير.
وبدأت لحظة الحقيقة، ألا وهى مصارحة المرشحين الأوفر حظاً وهما عبدالمنعم أبوالفتوح وحمدين صباحى بضرورة أن يتنازل أحدهما للآخر، ويعلن أنه سيعينه نائباً له حال فوزه، ويخوض الانتخابات بفريق رئاسى أمام الناس، يعرفون أسماء أعضائه، وينتخبون المرشح الذى يعتلى هذا الفريق على أنه «مرشح الثورة».
كانت لجنة الاتصال قد أدت دورها، فاستطلعت رأى صباحى، وأبلغنى أحد أعضائها الخبير الاقتصادى القدير أحمد النجار بموافقة صباحى على التنازل إن رأت «لجنة المائة» أن أبوالفتوح هو الأوفر حظاً، وهى مسألة كانت لا تحتاج إلى برهان وقت أن بدأنا العمل. كان أبوالفتوح حقاً له رصيد كبير فى الشارع، وانعكس هذا فى تقديرات لجنة الخبراء التى شكلناها، وراحت تدرس فرص المرشحين وفق معايير ومؤشرات وقياسات علمية.
أما أبوالفتوح فقد تصرف طيلة الوقت على أنه ليس فى حاجة إلى أحد من المرشحين الآخرين، وقال المقربون منه: هو لا يريد أن يلزم نفسه بأحد، خوفاً من أن يؤثر هذا سلباً على فرصه، متكئاً بالفعل على أن قانون الانتخاب لا يسمح بالتصويت على اثنين (رئيس ونائب) فى ورقة واحدة. وكنا نحن نعرف هذا بالطبع، لكن ما أردناه هو أن يكون هذا الأمر معلناً فى الواقع وعلى رؤوس الأشهاد وأمام الشعب، وتقوم الدعاية الانتخابية بتكريس هذا التوجه فى الأذهان باعتباره طريق الثورة، ويذهب الناس إلى صناديق الانتخاب، وذلك الأمر فى يقينهم، ويصوتون له عن قناعة.
لم نكن واهمين، إذ إن نتيجة الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية أكدت أهمية وواقعية ما كنا نفعله، فأبوالفتوح وصباحى والمرشحون الآخرون الذين كنا نتحاور معهم حصلوا تقريباً على ضعف ما حصل عليه من ذهبا إلى الجولة الثانية، وهما محمد مرسى وأحمد شفيق. وهذا معناه أن التوحد بين من قصدناهم كان يعنى أن أحدهما سيذهب مباشرة إلى الجولة الثانية، وربما كان الأمر قد انحسم من الجولة الأولى، وحتى لو لم يكن كذلك فإن تحليل نتائج الجولة الثانية تعنى بوضوح ودون مواربة أن أياً من أبوالفتوح أو صباحى كان سيربح، ويجنب المصريين الاكتئاب الذى عاشوه أسابيع حين وضعتهم الأقدار فى الاختيار بين سىء وأسوأ.
فى البداية ذهبت مع وفد من لجنة المائة إلى أبوالفتوح لنقابله فى بيته بالتجمع الخامس، فجاء إلينا منهكاً مما بذله طيلة الشهور الفائتة من جهد فى حملة انتخابية اشتد أوارها، لاسيما بعد أن دخل خيرت الشاطر إلى غمار السباق، محمولاً على أعناق الإخوان، وهو الذى بينه وبين أبوالفتوح ما صنع الحداد.
قال أبوالفتوح يومها إنه يتابع عمل اللجنة بامتنان، ويرجو لها التوفيق فى مهمتها الوطنية، وبدا لنا يومها عارفاً بما يدور داخل الاجتماعات، لاسيما ما يتعلق بالتقديرات التى وضعته فى المرتبة الأولى بين المرشحين الخمسة الذين قصدناهم.
لكن امتنان أبوالفتوح لم يُترجم لنا فى المسار الذى حددناه، إذ كان قد اتخذ قراره بتحديد ما أسماه «فريقه الرئاسى»، ولم يعد يحتاج من لجنتنا سوى أن تعلن تأييدها له منفرداً، باعتباره الأوفر حظاً، أو المرشح التوافقى المستكفى. بالطبع هو لم يقل هذا صراحة، لكن أوحى به. وبان الأمر جلياً حين سألنا: هل تضعون حازم أبوإسماعيل ضمن الفريق الرئاسى؟
كان السؤال مفاجئاً، فأبوالفتوح الذى يطرح نفسه باعتباره الوجه الحديث المتمدين للحركة الإسلامية المسيسة، والرجل المتناغم مع التيار الرئيسى أو ثقافة الشارع وقيمه وتوجهاته واعتدال تدينه ووسطيته، يسألنا عن وضع أبوإسماعيل الأقرب إلى «السلفية الجهادية» المخاصم لكثير مما عليه الناس، ويراه جاهلية، ويعرض طيلة الليل والنهار على شاشات التليفزيون فى حوارات متتابعة ما يخيف المثقفين والسياسيين اليساريين والليبراليين أو يثير تهكمهم واشمئزازهم، بل لا يروق لعوام الناس ممن يبتعدون بتدينهم عن التنطع والتشدد والغلو والإفراط.
قلت له: لكن حازم يقع خارج المسار الذى نتحدث عنه، وهكذا قال له صديقى الخبير الإعلامى ياسر عبدالعزيز. وهز كل من حامد الدفراوى وسليمان سليمان رجل الأعمال المصرى الذى يعيش فى أوروبا ويميل إلى التيار الإسلامى، إلا أن الرجل كان يقدر الكتلة الانتخابية الكبيرة حول أبوإسماعيل، ويرى أنه من غير المستساغ أن يفقدها، ويتركها لغريمه خيرت الشاطر، الذى بدأ فى محاولة جذب السلفيين إليه.
em

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق