أحدث الاخبار

الجمعة، 31 أغسطس 2012

وائل قنديل يكتب..لا للعكشنة.. لا للأخونة.. لا للطوارىء

.

ليس معنى أن ترفض «العكشنة» كموقف وطنى وأخلاقى، أن توافق على «الأخونة» كبديل وتصمت أمام إشعال النار فى الإعلام كله.. وليس معنى أن تصرخ من البلطجة والانفلات الأمنى أن تقبل بالطوارئ كأسلوب حكم.

لقد استبشر كثيرون خيرا بتولى المستشار أحمد مكى منصب وزير العدل قادما من تيار الاستقلال القضائى، وقد اعتبره غالبية المتابعين أحد اللمسات الثورية الشحيحة فى حكومة هشام قنديل، التى وصفتها بأنها تنتمى إلى زمن الدولة العميقة أكثر مما تعبر عن حاضر ومستقبل هذه الثورة.. غير أن تطورات الأحداث فى الأيام القليلة الماضية كانت صادمة للذين رحبوا بوزير العدل الجديد (الثورى) فالرجل فاجأ الجميع بقانون جديد للطوارئ، ثم ها هو يعلن حربا موازية على الصحافة والإعلام، ويهين مهنة الصحافة، وهى مهنة لا تقل جلالا ولا احتراما عن مهنة القضاء التى ينتمى إليها السيد الوزير.

ومن يطالع تصريحات الوزير المنشورة على الصفحة الأولى فى «الشروق» أمس يحتاج إلى كثير من الجهد لكى يتأكد أن المتحدث هو المستشار أحمد مكى أحد رموز معركة استقلال القضاء، وهى المعركة التى دارت ضد قمع الحريات وضد الطوارئ وضد الاستبداد ووأد حقوق الناس فى التعبير.


فالصحافة المستقلة التى خاضت معركة استقلال القضاء جنبا إلى جنب القضاة، وكأنها معركتها، صارت فى نظر الوزير «كاذبة ويحكمها الهوى» كما أن «الموعد بعيد جدا على أن يتحقق حلم إلغاء عقوبة الحبس فى جرائم النشر، كما أن الإعلام المصرى بشكل عام حالته متردية».

وفى حدود علمى فإن المنتظر من وزير جديد للعدل فى حكومة تأتى بعد ثورة أن يكون منشغلا أكثر بالمطلب الأهم والأبرز فى ميادين الثورة والذى لا تزال لافتاته مرفوعة حتى الآن قائلة «الشعب يريد تطهير القضاء».. وبدلا من أن يشغل وزير العدل نفسه فى إصلاح وتطهير الإعلام، الأحرى به أن يبدأ فى تحقيق المطالب الشعبية بتطهير القضاء، الذى اعترف هو شخصيا وقبل أن يستقر على كرسى الوزير فى حوارات ومداخلات مع الصحافة التليفزيونية والمكتوبة (الكاذبة التى يحكمها الهوى) بأنه يعانى من أوجاع وأمراض خطيرة.

أما الصحافة فهى قادرة على إصلاح وتطهير نفسها، فضلا عن أن الجمهور يستطيع المشاركة فى هذه المهمة بمعاقبة وسائل الإعلام التى تنحرف، بينما لا يستطيع الجمهور ذاته أن يفعل شيئا فى مهمة إصلاح وتطهير القضاء، ويعلق آماله على الوزير الجديد.

لقد كان المتوقع من القاضى أن يزن كلماته بدقة قبل أن يطلق سهامه على الصحافة كلها، بلا استثناء أو تمييز بين صالح وفاسد، لكنه استخدم أسلوب التعميم، وهو منهج قد يكون يمكن تفهمه ــ وليس قبوله ــ من رجل الشارع العادى.. وكما لا يليق بصحفى أو معلق أن يقول ــ مثلا ــ إن القضاء كله معطوب وبحاجة إلى التطهير، لا يجدر بقاض أن يوجه الاتهام على الشيوع لكل مهنة الصحافة والإعلام.

وأحسب أن الجماعة الصحفية لم تكن بحاجة إلى التوحد والاصطفاف لمواجهة هذه الحالة من التربص أكثر مما هى عليه الآن.. وبالمناسبة هناك ثلاثة من مستشارى الرئيس الآن ينتمون إلى «الصحافة الكاذبة التى يحكمها الهوى» فماذا هم فاعلون؟

ولا يمكن بحال من الأحوال قراءة هذا الموقف شديد الاشمئناط من الصحافة والإعلام بمعزل عن محاولات إعادة قانون الطوارئ الكريه مرة أخرى.

بقلم وائل قنديل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق