أحدث الاخبار

الأحد، 7 أكتوبر 2012

محمد حبيب يكتب : لص.. ومجرم.. ومغتصب

فى دمياط، مدينتنا الساحلية الجميلة، قضينا طفولتنا وصبانا وسنوات مراهقتنا.. لم تكن طفولتنا سعيدة، لكنها لم تكن بائسة أو تعيسة.. كان ذلك فى نهاية الأربعينيات من القرن الماضى.. حيث نكبة فلسطين.. نعم كنا صغاراً فى ذلك الزمن البعيد، لكن تفتح وعينا من خلال بعض مدرسينا ومشايخنا الأجلاء الأوفياء على تلك المأساة.. بالقطع لم نكن ندرى بشاعة ما كان يحدث آنذاك.. ولا ما يمكن أن يصل إليه الحال.. لكن مشاعرنا الغضة كانت ملتاعة.. حين شببنا عن الطوق، بدأنا ندرك حجم المأساة وعمق الكارثة.. فى عام ٥٦ كان العدوان الثلاثى على مصر أو ما يعرف عالميا بحرب السويس.. استقبلنا فى مدارسنا بدمياط أهلنا المهاجرين من بورسعيد.. رأينا مآسى وعذابات كثيرة.
هل هناك خلاف على أن العدو الصهيونى كيان غاصب لأرض العروبة والإسلام؟ وهل هناك خلاف على أن هذا الكيان ارتكب أبشع الجرائم فى حق فلسطين، الشعب والوطن، من مجازر بشرية وتصفية وإبادة وتهجير، وتجريف للأرض، وهدم للمنازل، وتخريب للزراعات بالقطع لا.. لا.
العدو الصهيونى يعلم أنه سارق للأرض، مستبيح للمقدسات.. يعلم أن أصحاب الأرض الأصليين والحقيقيين سوف يعودون يوماً ما لاسترداد أرضهم المسلوبة، طال الزمن أم قصر، وأنهم يعدون العدة لذلك.. لأجل هذا، فهو لا يفتأ يشن حربا من وقت لآخر هنا أو هناك لتذكير الفلسطينيين والعرب بأن الكيان الصهيونى هو الأقوى، وأنه لا تفكير مطلقا فى العودة.. ومصر وبقية الدول العربية تقف عاجزة عن فعل أى شىء.. يا سادة: العدو الصهيونى لا يفهم سوى لغة القوة.. هى نفس اللغة التى يتكلم بها الغرب الذى يعتمد فى أيديولوجيته على الفلسفة الداروينية الحديثة، وهى البقاء للأقوى.. لذا، إذا كنت تريد لنفسك موطئ قدم فى هذا العالم، فعليك أن تكون قويا، ليس قولا لكن عملا.. العدو الصهيونى خارج القانون الدولى، بل هو فوق القانون الدولى، وذلك لما يملكه من قوة مالية وإعلامية وسياسية وعلمية وتقنية وعسكرية.. هو لا يلقى بالاً للجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا لمجلس الأمن.. ليذهب رئيسنا إلى الجمعية العامة، وليقل ما يشاء..علينا أن نراجع أنفسنا: ما الذى نملكه نحن من قوة على الأرض نستطيع أن نفرض به إرادتنا تجاه القضية الفلسطينية أو القضية السورية أو غيرهما من القضايا؟ لا شىء.. لا بأس أن يكون الصوت عاليا، مادام لن يترتب عليه إجراء أو خطوة تغير من الواقع البغيض والمؤلم شيئا.. ثم إن اليد ممدودة تنتظر القرض ممن بيده الإذن..حتى الدول العربية التى أعطت أو سوف تعطى قرضا، لا تعطيه إلا بإذن من يملكه!
لنكن إذن صرحاء مع أنفسنا قبل أن نكون صرحاء مع غيرنا.. علينا أن نرتب أوراقنا فى الداخل أولا.. فقوة الداخل سوف تعين حتما على التفاوض مع الآخرين بندية وقدرة وكفاءة.. هناك خطوات يجب اتخاذها لتحقيق العدالة الاجتماعية، الهدف الثانى للثورة، الأزمة الاقتصادية لابد من إعادة النظر فيها بعيدا عن القروض والاستدانة، ومن الضرورى أن تكون هناك مكاشفة ومصارحة وشفافية.. لعلنا نتذكر ونحن نعيش ذكرى انتصار أكتوبر أنه ما كان للقوات المسلحة أن تخوض حرب العاشر من رمضان/ السادس من أكتوبر إلا من خلال جبهة داخلية قوية.. تساند وتؤازر.. وتتحمل شظف العيش.
إن العقيدة القتالية لقواتنا المسلحة ترتكز على أن الكيان الصهيونى هو العدو الأول والثانى والأخير.. هو الخطر الذى يهدد أمننا الوطنى والقومى.. هو الشوكة التى زرعها الاستعمار البريطانى فى خاصرة العرب.. نعلم أن الصراع العربى- الصهيونى صراع وجود.. صراع حضارى فى المقام الأول.. وهو ما يتطلب تقدما علميا وتقنيا واقتصاديا وتنمويا، وأن تكون قواتنا المسلحة فى كامل لياقتها وأتم استعدادها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق